الابراج
تل أبيب/PNN-وسبق هذه التحركات «مذكرة تفاهم» توصلت
إليها تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية مع نظيرتها الاميركية كوندوليزا رايس
وجرى التوقيع عليها في مقر الوزارة الاميركية امس تضمن بموجبها واشنطن عدم تسليح
حركة حماس، وتوافق على ضوء ذلك اسرائيل على وقف لإطلاق النار في غزة.
وبموجب هذه المذكرة تقدم مساعدات لوجيستية وتكنولوجية
لاسرائيل «لضمان السيطرة على المعابر أمنياً» وعدم وصول اسلحة الى حماس. وقالت رايس
إن مذكرة التفاهم تشكل عنصرا مهما على طريق تحقيق وقف اطلاق نار دائم في غزة، بيد
انها لم تحدد موعدا له لكن التكهنات في واشنطن تفيد ان ذلك سيتم خلال نهاية الاسبوع
الحالي، اي يوم الاحد في الغالب.
واوضحت رايس إن مصر تتحمل مسؤولية في
الحيلولة دون إعادة تسليح حماس وتلقيها شحنات اسلحة جديدة، مشيرة الى ان المذكرة
الاميركية ـ الاسرائيلية ستعزز الجهود من أجل وقف إطلاق النار في غزة طبقاً
للمبادرة المصرية. وعبرت رايس عن أملها في ان يتم التوصل الى وقف للنار قادر على
الاستمرار، كما تمنت ان تبادر دول اوروبية على توقيع اتفاق مماثل مع اسرائيل.
وقالت ليفني إن الاتفاق يعد عنصراً حيوياً لوقف ما
اسمته بالاعمال العدائية، وهو تكملة للاجراءات المصرية لايقاف تدفق الاسلحة على
غزة. وأضافت أن إسرائيل لن تستطيع أن تصبر على استهداف مواطنيها.
وقال شين ماكورماك المتحدث الصحافي باسم وزارة
الخارجية الاميركية إن «مذكرة التفاهم» التي كتبت في صفحتين ونصف تعد إطار عمل عام،
وهي تشمل التزام من الولايات المتحدة توفير الموارد والتكنولوجية الضرورية لمنع
حماس من التزود باسلحة.
وأكدت مصادر سياسية في القدس الغربية، أمس، ان
التعهدات والالتزامات التي قطعتها على نفسها الادارة الأميركية بهذا الخصوص هي التي
أقنعت اسرائيل بالموافقة على وقف اطلاق النار. ولذلك، أرسلت جلعاد يرافقه شالوم
تورجمان، الممثل الشخصي والمستشار السياسي لرئيس الوزراء، ايهود أولمرت الى
القاهرة، أمس، بعد ساعات قليلة من وصوله الى تل أبيب لابلاغ قيادته بموافقة حماس
على وقف النار، ليبحثا في أدق تفاصيل الاتفاق حول المبادرة المصرية.
وحمل الوفد موافقة اسرائيل على وجود عناصر من حماس
على معبر رفح الى جانب الحرس الرئاسي الفلسطيني، والمراقبين الأوروبيين. ولكنها
تقدم لمصر لائحة بأسماء 5000 فلسطيني تطلب أن لا يسمح بدخولهم القطاع في أي حال من
الأحوال وتعتبر دخول أي منهم خرقا لوقف اطلاق النار. كما تطلب اسرائيل ان يكون معبر
رفح هو المعبر الرئيس للفلسطينيين في قطاع غزة لاعفائها من المسؤوليات الأخلاقية عن
الأوضاع في القطاع. وبعد وقف اطلاق النار سيبدأ الفرقاء مهمة التفاوض على الخطوات
القادمة وفق خطة واضحة وجدول زمني صارم، بحيث ينتهون من اعداد الاتفاق للانسحاب
الاسرائيلي المنظم والآمن ونظام تشغيل المعابر وفك الحصار عن قطاع غزة.
ويؤكد المراقبون ان الطرفين، يريدان هذه المدة
الزمنية لكي يستطيع كل منهما تسويق مشروع وقف النار لجمهوره والظهور بمظهر الفائز.
ويحاول كل منهما حاليا تحقيق ما يسمى «صورة النصر»، التي يتباهى فيها بعد الحرب.
ومع ان الجيش الاسرائيلي يعتبر نفسه قد أحرز هذه الصورة بواسطة اغتيال سعيد صيام،
إلا انه يخشى من انجاز شبيه يحققه مقاتلو حماس في اللحظة الأخيرة، ولذلك يواصل
الغارات والقصف بكل شراسة ويهدد باغتيال المزيد من قادة حماس.
وتواجه هذه المحاولات بردود فعل مختلفة في اسرائيل.
ففي قيادة الجيش هناك مجموعة من القادة الميدانيين الذين يريدون الاستمرار في
القتال، بدعوى انهم قادرون على اخضاع قيادة حماس واخراجها ذليلة من الحرب، وفي
مقدمتهم قائد اللواء الجنوبي وقائد العمليات الحربية، الجنرال يوآف غالانت. ولكن
هناك قوى سياسية وعسكرية تعتبر إذلال حماس"خطأ استراتيجيا، وهي تريد بقاء هذه
الحركة مسيطرة على القطاع وضامنة لوقف النار باعتبارها أقوى تنظيم فلسطيني اليوم.
وعلى الصعيد الشعبي يبدو غالبية الجمهور الاسرائيلي،
53% حسب استطلاع نشرته صحيفة معاريف، أمس يؤيدون الاستمرار في الحرب وتوسيعها، 17%،
يؤيدون الاستمرار من دون توسيع. وبدأت لجنة الكفاح من أجل اطلاق سراح الجندي الاسير
جلعاد شليط حملة شعبية للمطالبة بالاستمرار في الحرب حتى توافق حماس «على إطلاق
سراحه أو على الأقل تتعهد بتسريع المفاوضات على صفقة يطلق بموجبها اطلاق شليط مقابل
مئات الأسرى الفلسطينيين.
وينوي عدد من قادة اليمين مهاجمة الحكومة على انها
أنهت الحرب من دون انجازات سياسية. وقال يوفال شتاينتس، نائب رئيس لجنة الخارجية
والأمن البرلمانية وأحد قادة الليكود المعارض، ان حكومة أولمرت لفني باراك تضيع على
اسرائيل فرصة للعودة لاحتلال الشريط الحدودي بين قطاع غزة وسيناء المصرية.. «فهذه
هي الطريقة الوحيدة لضمان منع تهريب الأسلحة لحماس».
بيد ان الحكومة تقول
انه في الظروف الحالية، لا مفر من وقف النار، حيث انه من غير الصحي لاسرائيل أن
تبقي النيران مشتعلة عندما يدخل الرئيس باراك أوباما البيت الأبيض في يوم الثلاثاء
القادم. ومع ان ايهود أولمرت اصدر بيانا، أمس، يقول فيه انه غير متعجل لانهاء
الحرب، إلا انه من جهة ثانية يسعى لجعل دخول أوباما سلسا وبعيدا عن أجواء التوتر.
